بعد صدور حكمين بأحقية المطلق في الزواج الثاني ورفض الكنيسة .. تتوالي التساؤلات:
متي ينتهي الصدام بين الكنيسة وأحكام القضاء؟!
القمص عبدالمسيح بسيط: نطالب بإقرار قانون الأحوال الشخصية .. أو العودة لنصوص الإنجيل
أعد الملف:
سامح محروس
شهد الأسبوع الماضي صدور حكمين قضائيين من المحكمة الإدارية العليا يؤيدان حق المسيحي المطلق في الزواج الثاني.
الحكم الأول أصدرته المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار محمد الحسيني .. ويخص أحد المواطنين الأقباط ويدعي هاني وصفي .. كان قد طعن علي قرار البابا شنودة بعدم السماح له بالحصول علي تصريح ثان للزواج .. حيث رفضت المحكمة الإدارية العليا الطعن الذي قدمه البابا شنودة في حكم القضاء الإداري .. وأيدت المحكمة حكم القضاء الإداري الذي يقر حق المسيحي المطلق في الزواج مرة ثانية.
أما الحكم الثاني فقد صدر عن الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا .. ويتعلق بقضية استحوذت علي اهتمام كبير من جانب الرأي العام طيلة السنوات الماضية .. حيث ان طرفي القضية هما رجل الأعمال مجدي وليم وطليقته الفنانة هالة صدقي .. حيث أيد هذا الحكم .. حكم سابق صدر عن محكمة القضاء الإداري أول درجة بإلزام الكنيسة الارثوذكسية بإعطاء تصريح بالزواج الثاني لطليق هالة صدقي.. ورفضت المحكمة أيضاً الطعن المقدم من جانب البابا.
الحكمان رفضتهما الكنيسة .. ولم يمر يوم حتي كان هذا الموضوع هو المحور الأساسي للعظة نصف الشهرية التي يلقيها البابا شنودة في الإسكندرية .. وأكد فيها ان رجل الدين هو الذي يزوج وليس القضاء محذراً من شلح أي كاهن ينصاع وراء حكم المحكمة.
الحكمان القضائيان ورفض الكنيسة لهما يكشفان وبوضوح شديد عن وجود مشكلة لابد من حلها .. فالمحكمة الإدارية العليا أوضحت في حيثيات حكمها الأول أنها تحكم بمقتضي القانون وليس التشريعات الدينية وانه لا شيء يعلو علي القانون .. كما لا يعقل ان تصدر أحكام من القضاء الإداري ولا تنفذ.
والكنيسة أعلنت ودون أي مواربة انها لن تلتزم بهذه الأحكام باعتبارها تصطدم بالعقيدة المسيحية وتخالف تعاليم الاجيل..
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: متي وكيف ينتهي الصراع بين أحكام القضاء والكنيسة؟
* القمص عبدالمسيح بسيط أبوالخير مدرس اللاهوت الدفاعي والعقيدة يؤكد ان الكنيسة تحترم حكم القضاء ولا تعترض عليه إلا بالأسلوب القانوني ولكن المحكمة من حقها ان تطلق .. وهنا يكون أمام من حصل علي الحكم إما الزواج المدني أو الزواج في طائفة أخري.. أما الزواج الأرثوذوكسي فو سر كنسي مقدس .. لا يستطيع القاضي ان يرسل عسكرياً أو ضابطاً ليجبر الكاهن ان يقيم الصلاة الطقسية لتزويج اثنين.
وأضاف: كان من المفروض ومن الطبيعي أيضاً ان يحكم القاضي طبقاً لتعديلات لائحة 1938 الأخيرة والتي أقرها المجلس الملي .. أو ان يحكم بنص الانجيل .. وهناك مبدأ هام في الشريعة الإسلامية يقول: إذا حكمتم بين أهل الذمة فاحكموا لهم بما يدينون.
ويؤكد القرآن الكريم علي ذلك في سورة المائدة آية 18 بقوله: "وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون".
هذا يعني ان القاضي مطالب بنص الشريعة الإسلامية بأن يحكم للمسيحيين بموجب شريعة الانجيل .. وكان عليه ومع احترامنا الكامل لأحكام القضاء ان يتبع ذلك ونحن لدينا سوابق عديدة حيث تصدر عشرات الأحكام ليس بناء علي نص قانوني وإنما علي ما جاء في الشريعة الإسلامية. وفي كثير من الأحوال .. إذا لم يجد القاضي نصاً قانونياً يرجع إلي الآيات القرآنية والأحاديث الدينية .. وطالما كان الأمر كذلك.. فلماذا لم يلجأ إلي الانجيل في هذه القضية التي تخص المسيحيين.
ونفي القمص عبدالمسيح بسيط صحة ما تردد عن العمل بالأحكام التي أقرتها لائحة 1938 منذ القرن الثاني عشر الميلادي وقال: لدينا حالات كثيرة في التاريخ منذ القرن الثاني عشر وحتي عهد البابا شنودة لم يوافق فيها البطاركة علي الطلاق والزواج الثاني.. وعلي سبيل المثال طلب أحد الأعيان في القرن الثالث عشر من البابا ان يطلقه من زوجته وكانت مشلولة ويعطيه تصريحاً بالزواج .. فرفض البابا وطلب منه ان يتخيل نفسه لو كان مكانها.
ويعود القمص عبدالمسيح إلي التاريخ ويقول: في القرن الثامن الميلادي .. ونتيجة لضعف الكنيسة الروحي قام بعض كبار الأقباط بممارسة عادة "التسري" أي يأخذون لانفسهم سراري ويعاملوهن كزوجات وبعضهم قام بالزواج بأكثر من واحدة تقليداً للوافدين عليهم .. ولكن الكنيسة رفضت ذلك علي الاطلاق.
وأضاف: أما لائحة 1938 فمن المعروف ان المجلس الملي أقرها في ظروف معينة .. وان كل البابوات الذين جاءوا بعد لائحة 1938 طالبوا بتعديلها ولم يوافقوا علي ما جاء بها .. وقام البابا كيرلس السادس بتشكيل لجنة برئاسة الأنبا شنودة اسقف التعليم في ذلك الوقت وقدمت اللجنة مذكرة لوزير العدل برفض لائحة 1938 .. وبعد 10 سنوات أخري أعيد تقديمها مرة أخري لوزير العدل.
وفي سنة 1980 قامت الكنيسة بتقديم مشروع قانون للأحوال الشخصية وقعت عليه جميع الطوائف المسيحية .. وعاودت الكنيسة طلب تفعيل هذا المشروع سنة .1998
أكد ان البابا شنودة الثالث لم يخترع شيئاً جديداً.. وان المبدأ الذي ينادي به حالياً هو نفس المبدأ الذي كان مطبقاً منذ القرن الأول الميلادي .. وان ما تفعله الكنيسة حالياً هو عودة إلي الأصل .. وان جميع البطاركة وخاصة منذ القرن الثاني عشر لم يسمحوا بالطلاق لغير سبب الزنا . ولدينا شواهد كثيرة.
وأكد القمص عبدالمسيح ان الصدام بين أحكام القضاء والكنيسة يمكن ان ينتهي من خلال حل من اثنين:
الأول: عرض قانون الأحوال الشخصية الموحد الذي وافقت عليه الطوائف المسيحية الثلاثة في مصر .. وتم تقديمه أكثر من مرة لرؤساء مجلس الشعب ووزراء العدل المتعاقبين . واعتقد أنه لو صدر هذا القانون وعمل القضاء بمقتضاه فلن يكون هناك خلاف في أي وجهة نظر واحدة بين الكنيسة والقضاء.
الثاني: أو أن يرجع القاضي لنص الانجيل .. كما يفعل في حالات كثيرة عند الرجوع إلي أحكام الشريعة الإسلامية.
تأييد ومساندة
أصدر القمص صليب متي ساويرس رئيس مركز السلام الدولي لحقوق الانسان بياناً اكد فيه التأييد الكامل لموقف قداسة البابا شنودة الثالث في موضوع الزواج الثاني . وأعلن رفضه لتدخل أي سلطة زمنية في خصوصيات الكنيسة القبطية . وطالب بسرعة أصدار قانون الأحوال الشخصية لكافة الطوائف المسيحية. وأعرب عن ثقته في حكمة وقيادة الرئيس حسني مبارك راعي كل المصريين لوضع الأمور في نصابها الصحيح
جريده الجمهوريه